تحدّث في هذه الجلسة الدكتور آندرو وايل، مؤسس ومدير مركز أريزونا للطب التكاملي، واستعرض فيها نموذج الطبّ التكامليّ الذي يتبنّاه وإمكاناته في ظلّ التحدّيات الصحية في العصر الحديث، وكيف يمكن للحكومات الاستفادة منه لتحسين الخدمات الصحية المُقدّمة في بلدانها.

 

بدأ الدكتور حديثه بالتأكيد على أنّ النظام الصحّي حول العالم يعاني من تحدّيات اقتصادية تهدّد الحكومات المسؤولة التي تدير هذا النظام، حيث أوضح أننا "ندفع أكثر وأكثر لتطوير الصحة ولكننا نجني نتائج أسوأ رغم ذلك، مما يشير بوضوح إلى أننا ننفق أموالنا بطريقة خاطئة". وأضاف أنّ النظام الصحّي الموجود يركّز على معالجة الأمراض بعد حدوثها بدلاً من الوقاية منها وتطوير الصحة بشكل عام. وأشار إلى أنّه بالرّغم من نجاح الطبّ الحديث وتقنياته في التعامل مع المشاكل الصحّية الحادّة، فقد أظهر قصورًا في قدرته على التعامل مع الأوبئة المُزمِنة للعصر الحديث، كالسّكري وارتفاع ضغط الدم والسّمنة. وأفاد بأنّ هناك تغيّرًا واضحًا في نمط الأمراض التي تصيب مجتمعاتنا مؤخرًا.

 

من جهة أخرى، ذكر الدكتور وايل الأساسات التي يقوم عليها الطبّ التكاملي. وابتدأها بالدعوة إلى الاعتماد على الجسم البشري والثقة بقدرته على الشفاء، فواجب الطبّ مساعدته لا أخذ مكانه. وأشار إلى ضرورة وجود نموذج بيولوجي نفسي اجتماعي أكثر تكاملاً لتفسير أسباب الأمراض التي تصيب الإنسان، بدلا من مجرّد اللجوء إلى التفسير الطبيعي البيولوجي. علاوةً على ذلك، حثّ الدكتور على أخذ جميع جوانب الحياة الإنسانية بعين الاعتبار كعادات الأكل والنوم وطريقة التعامل مع الضغط النفسي وغيرها، وشجّع على دمج صور العلاج التقليدية ضمنَ الممارسة الطبية الحديثة طالما أن الأبحاث العلمية تثبت فعاليتها، منبّهًا أن هذا لا يعني إلغاء العلاج الدوائي وإنما استخدامه عند الحاجة إليه فقط. وأخيرًا، أكّد على أهمّية زيادة الوقت المتاح للتفاعل بين المُعالج والمريض بما يكفي لتحقيق المتوقع منه.

 

وفي الختام، ذكر الدكتور آندرو وايل التحديات الأساسية التي تواجه بناء نظام صحي يعتمد النموذج التكاملي، وأهمّها: الحاجة لإجراء أبحاث تقارن ما بين الطب التكاملي والطب الحديث، بما يتطلّبه ذلك من تمويل وأعداد كبيرة من المشاركين، إضافةً إلى الخسائر المادية التي ستعاني منها شركات الأدوية والتأمين من جهة أخرى.